CMC ـ غرفة أخبار الجندر ـ سناء سيف:
كانت وما زالت المرأة اليمنية الأكثر تضررا من الحروب على امتداد تاريخ الصراع باليمن، وقد تضاعف هذا العناء منذ أحداث 2011م؛ إذ تحمّلت المرأة تبعات الحرب العبثية التي دخلت عامها السادس، وكانت وقودًا لها، فما يقارب من 30٪ من ضحايا الحرب هم من النساء والأطفال، وفقًا لتقارير الأمم المتحدة. ورغم كل التحديات أمام المرأة اليمنية، أثبتت حفيدات بلقيس قدراتهن على تحمل المسؤولية، ومواجهة أعباء الحياة، ومحاولة إرساء قيم السلام، وشقِّ طرق للنجاح.
وقد مثّلت المرأة اليمنية في المهجر أنموذجًا مشرّفا في الإبداع ورسم الصورة الإيجابية على مستوى التميّز والوعي، وتغلّبت على مرارة الاغتراب، وفي ظلّ غياب دور الدولة في متابعة أوضاع المغترب اليمني ومعالجة مشاكله، بحثت المرأة اليمنية عن بدائل وحلول تمكّنها من القدرة على إعالة نفسها وأهلها، والتغلب على ظروف المعيشة القاسية.
نستعرض هنا قصصا من النماذج المتميزة، ونبدأها بقصة الفنانة التشكيلية ومصممة الجرافيك “ميادة الورافي“، ٢٦ عامًا، وهي خريجة في تخصص الفنون بقسم الآداب بجامعة تعز، والأولى على دفعتها.
“كان مغادرتي اليمن ضرورة حتمية بسبب الحرب والخوف، ولعجزي عن إيجاد فرصة عمل في بلد دُمّر فيه كل شيء جميل، وحُطّم مستقبلنا كفنانين ومبدعين، ولم نعد نرى سوى الموت والدمار“، تقول ميادة.
وتضيف: “كانت طفولتي أحلى المراحل العمرية ومليئة بالذكريات الجميلة. أحببتُ الفنّ منذ طفولتي، وكنت أحتفظ بالألوان وأقدّسها جميعًا،حتى اللون الأبيض الذي يتجاهله أغلب الأطفال. كنت أيضًا أصمم وأخيط الأزياء للعرائس، وأفضل اللعب في الرمل والرسم عليه. كانت طفولة ممزوجة بالألوان حتى في ملابسي. يكفي أنها كانت طفولة في كنف الأب والأم اللذين فقدتهم حينما كبرت“.
وتتابع: “أكملتُ تعليمي الثانوي والتحقت بجامعة تعز، كلية الآداب، قسم الفنون التشكيلية، ومن هنا صار الحلم حقيقة، وجاء وقت صقل الموهبة والتخصص رغم معارضة أهلي لالتحاقي بهذا المجال بحجة كونه غير مناسب للمرأة في مجتمع تسوده ثقافة العيب؛ مجتمع يفكر بطريقة سطحية، ولا يدرك أهمية الفن ورسالته العظيمة في المجتمع، لكن إصراري وشغفي بهذا المجال أعطاني القوة للتمسك بحلمي وإقناع عائلتي بأني لا أرغب في أي مجال آخر، وبعزيمة وإرادة قوية استطعت أن أحقّق هدفي، وتخرّجت بدرجة امتياز في الفنون الجميلة(جرافيك) ٢٠١٩م، وكنت الأولى في أول دفعة لقسم الفنون بالجامعة، ولكني لم أجد فرصة للعمل في اليمن بسبب الحرب وحالة الدمار التي تشهدها البلاد ومنها مدينتي، لذلك فكّرت بالهجرة والحصول على فرصة أستطيع بها الخروج من اليمن لتحقيق حلمي وطموحاتي“.
سافرت ميادة إلى مصر ضمن فرص منح التبادل الثقافي بين جامعة تعز والجامعات المصرية وكانت مدتها شهرًا واحدًا، وبعد انقضاء المدة قررت أن تستقر وتبحث عن فرص تعزّز من قدراتها، فتلقت دورات تدريبية متعددة في التصميم والرسم الإلكتروني الذي قلّما يُهتم به في اليمن. لم يقصر إخوانها في مساندتها، لكن تكلفة الاغتراب كانت فوق قدراتهم في ظل وضع البلاد المعيشي الصعب، لذلك اضطرت ميادة إلى لبحث عن عمل يعينها على تحقيق هدفها.
تقول ميادة: “بدأتُ العمل في مجال ليس له علاقة بالفنون لفترة قصيرة مدرسةً بإحدى المدارس اليمنية في مصر براتب لا يكفي لسداد معيشتي، ثم انتقلتُ إلى العمل في مجالي، وهو التصميم في أحد مكاتب الشركات اليمنية، ومن ثم المشاركة في العمل الفني والفن التشكيلي في مصر وخارج مصر وأنا مستمرة فيه حتى اللحظة“.
تتابع حديثها: “التحقتُ ببرنامج الماجستير تخصص فنون شعبية بجامعة القاهرة، واستطعت أن أدرس وأعمل في الوقت نفسه، ورغم صعوبات التأقلم مع مجتمع جديد والعيش منفردة بعيدة عن العائلة، تجاوزت الصعوبات بفضل الإرادة والعزيمة، وكان للبيئة المحفزة لي من الداعمين والمساندين، سواء من اليمنيين أم المصريين دور إيجابي، ويُضاف إلى ذلك ما يمتاز به المجتمع المصري عمومًا من دعم عمل الفتاة وانخراطها في كل مجالات الحياة، على عكس ما يحدث باليمن، وأكثر من دعمني ومثّل السندي القوي لي هو زوجي طبعًا. كان في البدء صديقًا مؤازرا لي في غربتي ووجدت فيه شريك الحياة، وقد أصبح زوجي بعد عقد القران، وزفافي سيكون في الأيام المقبلة، بالإضافة إلى دعم أهلي الذين كانوا خير معين لي“.
مسيرة نجاح حافلة بالعطاء والتحدّي والإصرار. حصلت ميادة خلالها على عدد من الجوائز، ولها عدد من المشاركات الداخلية والخارجية، وشاركت في فعاليات الرسم على جدران مدينة تعز بفن الجرافيك، لتوصيل رسالة للمجتمع عن السلام والحب والتكافل.
تختتم ميادة حديثها برسائل لكل فتاة: “يجب أن تحارب الفتاة من أجل حلمها، وأن تسعى دائما إلى أن تكون الأفضل وأن لا تستسلم للمصاعب والعراقيل، وأن لا تسمح لأحد أن يحدّ من سقف طموحها، ليس من أجلها فقط، ولكن من أجل مجتمع أفضل ووطن أجمل ومعافى بنا نحن النساء، فنحن المربيات للأجيال وصانعات الأمم“.
قساوة الطفولة ومرارة الغربة وحفاوة النجاح
أنموذج متميّز آخر نجده في قصة “عائشة محمد حميد الجشوبي“، مع شقيقتها الأصغر منها سنًا “فاطمة“. رغم صغر سنهما، قررت عائشة (22 عاما) وأختها مغادرة أحلامهما مبكرًا بعد أن استكملتا التعليم الثانوي، وعجزتا عن مواصلة الدراسة الجامعية.
تقول عائشة: “كانت طفولتنا قاسية بسبب ظروف اليمن والحرب الدائرة. بعدها سافر والدي إلى دولة أوروبية للبحث عن عمل، والتحقت به أمي وأخواتي الصغار، ولم نتمكن أنا وشقيقتي من السفر بسبب مشكلة السن القانوني؛ إذ لا يُسمح إلا لمن هو أقلّ من عمر 18 عامًا بالالتحاق بالعائلة، وهو ما جعلني أنا وأختي نبذل جهدا مضاعفا ونعتمد على أنفسنا“.
في البدء قرّرت عائشة وأختها السفر إلى مصر لغرض إنجاز معاملة اللحاق بوالديهما، فواجهتهما مشكلة السن القانوني، وهو ما جعلهما تستقران بمصر حتى مرت ثلاث سنوات منذ مجيئهما إلى مصر. بدأتا بممارسة العمل في النقش وتصاميم الأزياء، وتجهيز متطلبات الأعراس النسائية، وهن يطمحن الآن أن يكون لهن مشروع كبير في المستقبل، خصوصًا بعد أن اكتسبن شهرة بحكم إتقانهن للعمل.
تؤكد عائشة: “رغم العراقيل التي واجهتها بسبب نظرة البعض إلى هذا العمل وكونه معيبا ونقصا في حق العائلة، نجحنا بسبب نضالنا وإيماننا بأهمية العمل، خصوصًا مع رؤيتنا نجاحات المرأة المصرية المشاركة للرجل في كل التخصصات والمجالات“.
وتختتم: “نصيحة مني لكل النساء؛ ابدأن بأشياء بسيطة؛ مثل الحرف اليدوية والمهن المختلفة. لا تستسلمن لليأس أو الفشل. اعملن بروح التحدي، وحاولن مرة بعد مرة، لأن النجاح بعد الإصرار له طعم رائع ومختلف“.
تفاؤل وطموح
“فردوس محمد سالم البذيجي” التي تعمل مهندسة ديكور، ولدت في السعودية، وتلقت فيها تعليمها الابتدائي، ثم انتقلت بعدها إلى اليمن، أكملت تعليمها، والتحقت بالجامعة في تخصّص هندسة ديكور.
سافرت إلى مصر مع زوجها بسبب عدم قدرتها على العمل في اليمن في ظلّ الحرب الدائرة، واستقرت فيها. تقول فردوس: “خمس سنوات من العمل والكفاح في مصر بمنظمات مختلفة، بعدها عملت مع شركة سعودية على الإنترنت لمدة سنة، وحاليًا أعمل في مجالي “التصميم الداخلي” مع شركة يمنية وشركة أخرى سعودية، كان إعجابهم بعملي هو أساس نجاحي، وأنا سعيدة بما حققته ووصلت إليه، والفضل يعود لزوجي وأهلي الذين ساندوني ولم أجد منهم أي عراقيل ولأساتذتي في الجامعة الذين لا أنسى لهم الفضل الكبير، لكن المجتمع يظل لديه نظرة قاصرة للمرأة العاملة ويحاول دائمًا إحباطها“.
تضيف: “عملتُ إلى جانب تخصّصي في صنع الشطة الحارة الأندونيسية والهندية واليمنية، وكان المشروع ناجحًا وتلقيت طلبيات كبيرة، إضافة إلى صنع البخور اليمني أيضًا، ولكن بسبب انشغالي بالوظيفة الحالية لم أعد متفرغة لتلك الأعمال“.
وتؤكد: “العمل حتمي في الغربة للعيش وتأمين المستقبل، وأنا لدي أفكار لمشاريع مختلفة، وسأقوم بتنفيذها مستقبلًا إن شاء الله؛ فحياة التغرّب تعلّمك كثيرا، وتمنحك فرص التعرف على أشخاص جدد، وثقافات مختلفة وعالم آخر، وهذا شيء جيد، لكن بعدك عن بلدك الأم وأهلك وأصدقائك يظلّ ألما ملازما. أمنيتي أن أحقق حلمي الكبير في امتلاك شركة هندسة متخصصة في الديكور، وأؤمن دومًا أن العمل مهم جدًا للمرأة؛ فهو يمنحها الثقة والاستقلال المالي، لتكون المرأة عضوًا فاعلًا في المجتمع، لا عالة على أحد فتشعر بالذل والانكسار، ومهما كان الدخل المادي بسيطًا، فسيأتي يوم تكون فيه أكثر خبرة وأكثر نضجًا“.
“غادة على النخعي“، محافظة عدن، 37 عامًا، متزوجة وأم لطفلين، درست برمجة كمبيوتر وتصميم أزياء.
تقول غادة: “طفولتي كانت لطيفة، كنت متفوقة في جميع مراحل الدراسة، حتى الجامعة أيضًا، متميزة في تخصصي وفي حضوري، واخترت تخصصي الجامعي بمحض إرادتي، لم يفرضه عليّ أحد، وكان هو الأقرب إلى عقلي وطموحي والعمل بوظيفة جميلة تناسب طريقتي وأسلوبي بالحياة“.
تضيف: “هجرتي بسبب الحرب كانت أولا إلى لبنان، وأنا حاليًا بمصر لكون أهلي هنا، وبدأ ضوء حلمي الجميل في مصر لأنها تتميز بانفتاح كبير على معظم المجالات، فيها درست تصميم الأزياء، وعملت في هذا المجال، وبدأت بتشكيل أول علامة تجارية (براند) يمنية للعبايات، وحلمي هو الوصول للعالمية، وسوف يتحقق هدفي إن شاء الله“.
تواصل غادة حديثها: “في البدء كانت مهنة لتحسين الدخل، ولكنها تحولت إلى شغف وحلم وستصل إلى العالمية يومًا ما. بدأتُها بإمكانيات بسيطة جدًا ودعمتها بالدراسة في ذلك المجال، ولا أنسى دعم أهلي القوي وأصدقائي، وفترة انقطاعي عن العمل كانت بسبب وجودي في لبنان“.
وتتابع: “أعمل حاليًا في صنع الدونات من البيت لأني ملتزمة بتربية أولادي، وأنا مغتربة، وصعب عليّ أن ألتزم بدوام عمل، فاخترت المجال الثاني لأنه أنسب من غيره من المجالات في البيئة التي أعيش فيها بلبنان، ورغم مرارة الغربة، يجب أن نكون أقوى، ونكمل المشوار، ونتمكن من إتقان العمل، وصولًا إلى تحقيق النجاح المطلوب“.
بين الحلم والتخصص
“نسمه عبد الولي الجهمي“، 27 عامًا، تعمل مصورة، متزوجة، درست الهندسة، وتخلّت عن التخصص الذي كان من اختيار والدها، وحققت حلمها في بلد المهجر.
بين حلمها وتخصصها وهواياتها تسرد نسمه تفاصيل قصتها: “عشتُ بمدينة تعز، وكنت أحلم بأن أكون طبيبة، ولكن والدي أدخلني كلية الهندسة، وأحببت المجال، لكن الهجرة عن اليمن لم تمنحني فرصة مواصلة المشوار بالعمل بمجال تخصصي، سافرت إلى مصر لأنه كان من الصعب عليّ تحمل ظروف بلادي، وبدأت بخوض تجربة التصوير كوسيلة للبحث عن فرصة عمل أستطيع من خلالها تحسين وضعي المعيشي، وقبلها كان لي تجارب بالدخول في مشاريع كثيرة منها التجارة على الإنترنت، وافتتحت معملًا صغيرًا للطبخ أيضا، وكان من الصعوبات التي واجهتها عدم توفر العُمّال، ثم فكّرت بالتصوير، وكنتُ قد قررت أن أعود وأعمل في اليمن، ولكن الأوضاع لم تسمح بذلك، فعملت في مصر. اعتقدت أن الأمر سهل، لكن الواقع كان على عكس ذلك تمامًا“.
تضيف: “التحقتُ بشركة مصرية تعلّمت منهم كثيرًا من الخبرة، وزوجي كان داعمًا لي كثيرًا إلى جانب صديقاتي، وفكرت بأكثر المشاريع المنتشرة: ديزاين، تصوير، مكياج، آرتست، فوجدت نفسي في التصوير. سأكمل فيه وأحقّق كل ما أريد أن أصل إليه في المستقبل، والنجاح يترك أثرًا جميلًا في أرواحنا، وما أتمناه هو أن أكون مصورة محترفة وأصور شخصيات عالمية مشهورة“.
من مشروع حلويات عائلي إلى شهرة تجارية
رندا عبد الإله الحاج اختصاصية مختبرات كانت تعمل في القطاع الحكومي في اليمن منذ عام ٢٠٠٦، و“أم لُجين” هو اسم شهرتها كصانعة الحلويات في مدينة تعز.
كان لعائلتها الفضل الأكبر في دعم مشوارها المهني والتعليمي، فوالدها مؤمن بقدرات النساء على الوصول إلى قمة النجاح، على الرغم من معارضة بعض أهلها بحجة أن عمل البنت ودراستها عيب وبأنه يدل على أن أهلها عاجزين عن إعالتها.
تبدأ رندا حديثها: “انتقلنا إلى مصر بسبب الأوضاع في اليمن خصوصًا مدينة الحديدة التي كنت أسكنها، عشنا فترة من الخوف والرعب والقصف والحرّ بسبب انقطاع الكهرباء، وهو ما جعلنا نبحث عن بلد آخر للغربة. غادرنا الوطن أنا وزوجي وأولادي، وكنا نأمل بالعودة إلى اليمن خلال فترة قصيرة، ولكن الحرب استمرّت، ولم نتمكن من العودة“.
وتقول: “بدأنا بالبحث عن فرص عمل أنا وزوجي كي نتمكن من إعالة أنفسنا وتأمين مستقبل أطفالنا؛ فالغربة متعبة وتحتاج إلى جهود كبيرة للنجاح، ونحن اليمنيين نعاني من ويلات النزوح من الحرب وويلات الغربة. عمل زوجي في مصنع تابع لرجل أعمال يمني، ولكن الراتب لم يكن يغطي الاحتياجات الأساسية، وفكرت أن يكون لي مشروعي الخاص، وبدأت عن طريق مجموعات في الواتساب لتعليم الحلويات والطبخات، وبدأت أعمل بشكل خفيف وأبحث عن وصفات جديدة وأعمل على تطبيقها، لأستثمر وقت فراغي وأساعد زوجي في مصاريف البيت“.
وتضيف: “عمل الحلويات أصلا هواية أحبها منذ وقت طويل، وكنت أمارسها في البيت لأهلي وأتسلّى بها، ولم أكن أتوقع أنها ستكون مهنة أساسية يوما من الأيام؛ فعملي الأساسي هو بالمختبرات، لكن الحرب والغربة والظروف الصعبة التي مررنا بها جعلتني أفكر بفتح مشروع الحلويات وفتح باب الطلبات لمن يعرفني وللمناسبات كالأعراس وغيرها. وجدتُ العمل يتوسع والطلبات تزداد يومًا فيوما. قررت حينها أن أفتح حسابا على الفيس بوك وأسميته “لُجين كيك“، وبدأت بتفعيل نشاطي وعرض كل أعمالي، واستقبلت طلبات الزبائن، فكبر المشروع وانتشر أكثر مما كنت أتوقع. مرت ثلاثة سنوات ونصف منذ نجاح مشروعي. نجاحي يشعرني بالفخر والاعتزاز. أصبح اسمي معروفًا، وأصبحت لا أجد وقتًا للفراغ من كثرة الطلبات، وبفضل ذلك استقر ووضعنا المادي والنفسي“.
“سماح سمير صالح“، متزوجة وأم لأربعة أطفال، تعمل كوافيرة، درست تخصص إنجليزي، لكن ظروف الحياة منعتها من إكمال تعليمها.
تقول: “كنت أحلم أن أكون مضيفة طيران أو مديرة لحضانة أطفال، هاجرت من عدن منذ اندلاع الحرب بالبلاد إلى جيبوتي، وكانت أوضاعنا سيئة جدًا مما جعلني أعود إلى اليمن مرة أخرى بين تشتت وضياع وخوف وقلق من المصير المحتوم الذي ينتظرنا هناك. لم أجد الاستقرار ولاالأمن، فاضطررت أن أهاجر إلى مصر وهناك استقر بنا الحال“.
وتضيف: “بدأت مشروعي الخاص الذي كنت أعمل فيه باليمن منذ ١٦ عاما كوافير للنساء، وهي المهنة التي وجدتُ نفسي فيها وجلبت لي عائدًا ماليًا حسّن من ظروفي. واجهت الغربة بالتصميم على أن أكون قوية وأتغلب على الظروف الصعبة، وها أنا اليوم أقف على عتبة النجاح، ولله الحمد“.
تتابع حديثها: “بعد نضال كبير وصلت إلى مستوى أنا راضية عنه، وإلى جانب الكوافير أعمل في صنع إكسسوار الديزاين، وبالإضافة إلى ذلك دورات في الخياطة واللغة الإنجليزية لتعزيز ثقتي بنفسي ولأكون امرأة قوية ناجحة تستطيع الانطلاق في أي بلد. أدعو كل النساء في المهجر أن ينطلقن نحو المستقبل، الحلم سيتحقق والغربة لن تكون عائقًا أمام النجاح. اقهرنَ الظروف الصعبة وتغلبنَ عليها“.
وتؤكد سماح أن التحديات والصعوبات وعراقيل العادات والتقاليد المتخلفة قيّدت المرأة اليمنية وأعاقتها عن المشاركة الفاعلة في المجتمع، خصوصًا في ظل التسليم بمقولات رجعية تحمل نظرة دونية للمرأة؛ مثل “ما للمرأة إلا بيتها أو قبرها“.
هذه القصص تعكس قدرة المرأة اليمنية على أن تكون أنموذجًا للنجاح والتألق وأن تكون فخرًا للنضال والعطاء وتحمل المسؤولية، وقادرة على العمل والمبادرة في إنتاج مشاريعها الخاصة وعلى تحقيق نجاحات متميزة.
* تم إنتاج هذه المادة ضمن مشروع غرفة أخبار الجندر الذي ينفذه مركز الإعلام الثقافي CMC.. وتم نشر المادة على موقع يمن بوست:
اضف تعليقا