نادية الكوكباني في برنامج النساء والسلام

نحن بحاجة إلى إعلام منصف للنساء

خاص:

 

يعود برنامج النساء والسلام ليحاور عدد من النساء العاملات بملف السلام، وفي ميدان العملية السياسية، في هذه الحلقة تستضيف الإعلامية مايا العبسي الدكتورة نادية الكوكباني لتتحدث عن المشاورات المحلية وخريطة السلام النسوية ودور الإعلام في دعم قضايا النساء.

 

 

الدكتورة نادية الكوكباني: 

أكاديمية، وكاتبة وناشطة حقوقية وسياسية

عضوة التضامن النسوي اليمني، وعضوة مؤتمر الحوار الوطني وشاركت كممثلة للنساء في لجنة صياغة ضمانات مخرجات الحوار الوطني.

عملت مستشارة وطنية في بناء السلام والأمن ويسرت لقاءات تشاورية للتوافق النسوي اليمني من أجل الأمن والسلام بالشراكة مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة.

نائبة الرئيس التنفيذي، ومديرة البرامج في منتدى التنمية ُ السياسية” ومستشارة في “برنامج دعم الحوار السياسي” بالشراكة مع “مؤسسة برجهوف، ونسقت لحوارات سياسية بين المكونات اليمنية من مختلف الأطراف والمحافظات.

أستاذة الهندسة المعمارية في جامعة صنعاء،  وأديبة في رصيدها عشرة إصدارات بين قصص قصيرة وروايات

أم لثلاثة أولاد عمار و أسامة و طاهر

 

القناة: بدايةً دكتورة نادية من يمتلك قرار صناعة السلام اليمني؟

نادية الكوكباني: للأسف الفترة الأخيرة القرار تم تدويله، أصبح القرار في أيدي خارجية وأصبح القرار اليمني إلى حدٍ ما لا يجد القبول في عملية السلام. وفي الفترة الأخيرة إذا تحدثنا طبعًا عن زمن الحرب 2015 وحتى الآن فقد أصبح القرار بشكل كبير يعتمد على القرار الخارجي عن الداخل وربما يمكن تدارك هذا الأمر في الفترة القادمة، لكن أرض الواقع تشهد كثير من التحركات ومن التوسعات الكبيرة على مستوى الحرب وليس على مستوى السلام.

القناة: إذًا ألا نستطيع أن نقول أن هناك شخصًا ما أو فئة معينة تستطيع أن تمتلك قرار صناعة السلام في اليمن، لمن يعود صناعة السلام في اليمن؟

نادية الكوكباني: أكيد يعود بالدرجة الأولى للأطراف اليمنية ولكن الأطراف اليمنية غير قادرة على أن تتخذ قرارًا حاسمًا بإنهاء الحرب، أتحدث عن الأطراف المتنازعة سواء كانت الشرعية أو أنصار الله، الجميع مستفيد من إطالة الحرب، من إطالة مدى الحرب، لكن من يعاني في الأخير هو المواطن اليمني، هو الشعب اليمني في جميع المناطق اليمنية.

القناة: دكتورة نادية التقيتِ المبعوث الأممي للأمم المتحدة مارتن جريفيت في أول زيارة وفي آخر زيارة له، عمَّا كان يدور الحوار بينكما، تحديدًا ماذا قلتِ له وكيف تحدثتِ معه؟

نادية الكوكباني: هذه معلومة صحيحة وربما أهم ما تحدثت به مع السيد مارتن جريفيت عندما وصل هو أن يهتم كثيرًا بالشأن الإنساني، في تلك الفترة كان الوضع الاقتصادي في اليمن متدهور بشكل كبير وأيضا قضية الرواتب المقطوعة وبشكل كبير على معظم موظفي الدولة خاصة في المناطق التي تحت سيطرة أنصار الله وبالتالي كان لديه بعض التحفظ على أنه المبعوث الأممي للشأن السياسي بينما كانت ليز غراندي هي المختصة بالشأن الإنساني، وحاليا في الفترة الأخيرة قبل انتهاء مدته ذكرته بما قلت له في أول لقاء، فكان ما طلبته منه في أول زيارة له هو ما أنهى به مدته كمبعوث أممي لليمن.

القناة: إذًا كان الحديث يقتصر حول الوضع الإنساني في اليمن، كيف يمكن معالجته؟

نادية الكوكباني: نعم، لأنه من وجهة نظري كان بأن الوضع الإنساني إذا تم تثبيته من ناحية الاستقرار ومن ناحية سبل المعيشة للناس، تأكل وتشرب، فيستطيع أن يفكر السياسيون بحلول نابعة من الحل السياسي وليس من الحل الإنساني، وإذا ما قسمنا الشأن الإنساني فلا دخل له بشكل مباشر بالسياسي إذا أردنا أن نمضي في عملية السلام بطريقة جدية، فكان توفير الأمن والاستقرار ولقمة العيش للمواطنين في تلك الفترة هي السبيل الوحيد لتوفير المناخ للحوار السياسي وللمفاوضات وإحراز تقدم في هذه المفاوضات أو الحوارات السياسية.

القناة: هل وجدتِ تجاوب منه أو من الجهات التي كنتِ تتحدثين معها حول الوضع الإنساني في اليمن؟

نادية الكوكباني: للأسف كما أشرت لك، دائمًا الساسة لا يهتمون كثيرًا بالشأن الإنساني وإنما يهتمون بصولاتهم وجولاتهم وبمكاسبهم من أي مفاوضات سياسية. وها نحن ندخل العام السابع نتيجة لهذا الأفق الضيق في هذا الناحية، وإلا ما دخل الرواتب، فالحروب في العالم كانت، والحرب الأهلية في لبنان لم يكن هناك قطع للرواتب وفي نفس الوقت تفاقمت العملية حتى أصابت أيضًا مناطق سيطرة الشرعية بشكل كبير، كان القرار غير حكيم فكلما مر يوم كلما أثبتت الأيام أن القرار لم يكن حكيمًا بشكلٍ كافٍ وحتى الآن ملف لم نستطع لملمته خلال هذه الفترة.

القناة: طيب دكتورة نادية إذا ما تحدثنا عن الجانب النسوي في اليمن، أثبتت المرأة في اليمن قدرتها على التحرك، قدرتها على العطاء والإنجاز، في أشياء كثيرة، دعينا نتساءل حول دور المرأة اليمنية في كيفية مساعدتها للمبعوث الأممي أو الأمم المتحدة للوصول للسلام؟

نادية الكوكباني: مما لا شك فيه أن النساء هنَّ من يدفعن ثمن الحرب، الحرب تشتعل فتيلها بأيدي الرجال وتظل النساء تحاول أن تخمد كل هذه الحرائق في كل مكان. من يموتون هم أبناء، هم أزواج، هم أقارب أخوات، هم أطفال للنساء. ومن يتحمل المسئولية من ضمن هذا الفقد أيضًا هن النساء، ومن قمن بدور إيجابي في اليمن وفي كل المناطق في لملمة الجروح وفي محاولة معالجة هذه الحرائق أيضًا هن النساء.

على المستوى المحلي المستوى المجتمعي إذًا سنقسم دور النساء على المستوى المجتمعي والمستوى السياسي، فعلى المستوى المجتمعي مثلًا، قمن بأعمال وبحثن عن سبل عيش ومشاريع صغيرة حتى يستطعن أن ينقذن عائلاتهن بشكل كبير، وعلى المستوى السياسي ورغم عدم قبول وجودها من ضمن الحرب عندما تشتعل البنادق يتم تنحية النساء، أيضًا أصرت المرأة اليمنية أن تخوض هذه المغامرة السياسية وأن تكون رافد خير ورافد سلام في هذه الناحية وبالتالي تم إنشاء بعض المبادرات النسوية المختلفة وجميعها تعمل في نفس مسار السلام، من ضمن المفاوضات الأولى التي حصلت في جنيف أو التي في الكويت ومن ضمن الدعوة في المفاوضات الأخيرة.

القناة: تعتقدي أن المرأة ستغير النظرة التي كانت سائدة عليها سابقًا بأنها لا تستطيع القيام بمثل هذه المبادرات، لا تستطيع الدخول في مثل هذه المجالات، تحديدًا المرأة اليمنية والنظرة التي كانت مركزة عليها سابقًا؟

نادية الكوكباني: لا زالت تعافر المرأة اليمنية حتى تثبت ذلك، ولا زال صانعي القرار غير مؤيدين لتواجد النساء في مواقع صنع القرار بشكل كبير، ولذلك عملت النساء بشكل كبير على أن يتم استغلال القرار 1325 لدعم النساء وإدراجهن ضمن صناعة القرار السياسي، إذا وجدت المرأة في القرار السياسي، كيف يصنع القرار السياسي فهناك سلام بشكل كبير، لكن ما يحدث، وحدث بالفعل من 2013م من أيام مؤتمر الحوار الوطني، يتم تضليل قدرة النساء على خوضهن غمار السياسة بشكل كبير، الإعلام يضلل بتعمد للأسف الشديد فيما يخص جانب النساء. وبالتالي صناعة القرار بالنسبة للنساء هي الخطوة الأولى لصناعة السلام وأيضا بناء سلام في المراحل اللاحقة لانتهاء الحرب من وجهة نظري، لماذا؟ لأن من عانى غير من لا يعاني، من لديه التفاصيل البسيطة يستطيع أن يصنع قرارًا صائبًا وبالتالي عند التنفيذ يجب أن نتلافى الكثير من الأخطاء في هذه الجوانب. 

القناة: إذًا لماذا من المهم أن تشارك المرأة في الجانب السياسي؟

نادية الكوكباني: لأن صناعة القرار لا بد أن يشارك بها الجميع، أنا أصنع قرار لمجتمع، المجتمع نساء ورجال وبالتالي الخصوصية التي لدى النساء في صناعة القرار لا بد أن تتشاركها أيضًا مع الرجل وبالتالي يحدث عملية تصويب وتبادل وجهات النظر، مثلا الدساتير المتغيرة، الدستور عندما يتم تغييره أو القوانين عندما يتم تغييرها غالبا تصب في صالح الرجل بشكل كبير وبالتالي الخصوصية مهمة جدا في هذا الجانب للنساء، لتصنع قرارًا صائبًا.

القناة: لأن المشرع ذكوري وبالتالي القوانين والدساتير تصب دائما في صالح الرجل.

نادية الكوكباني: وبشكل كبير ولذلك كان لدى النساء إصرار في مؤتمر الحوار الوطني على أن يتم ذكر كل ما يخص النساء مثلًا كنص دستوري وليس كقوانين يتم ترجمتها بعد ذلك، على الأقل مدة خمس سنوات حتى نضمن الحقوق في مواقع صنع القرار بالنسبة للنساء طبعًا بما لا يقل عن 30% حتى نصل طبعًا إلى المناصفة وبالتالي لا أستطيع أن أصنع قرار دون أن أشرك فيه امرأة لأنها نصف المجتمع وعلى معرفة بمفاصل الأمور. لا أريد هذا كجندر أو نوع، وإنما كحقوق.

القناة: دكتورة نادية مجموعة الدعم الاستراتيجي، ما الذي قدمته لخدمة عملية السلام في المسارين الأول والثاني؟

نادية الكوكباني: سنتفق بأن منظمات المجتمع المدني هي منظمات تعمل من أجل السلام وليست صانعة قرار للسلام. وبالتالي فريق الدعم الاستراتيجي اللي موجود في صنعاء وهو مكون أحد برامج التنمية السياسية ومكون من ممثلي عن الأحزاب السياسية المتواجدة في صنعاء، نوفر لهم تلك المساحة التي يستطيعون فيها مناقشة الشأن السياسي بحرية وبناء على ما يحدث على أرض الواقع وعلى وجهات النظر المتبادلة بين الأحزاب السياسية. استطاع الفريق وبجدارة أن يخوض في مسائل حساسة كان يرفد بها مكتب المبعوث الأممي بشكل كبير وكما قلت بأن النتائج التي يتم التوافق عليها هي نتائج.

 لديها من الخبرة السياسية الخاصة بالأحزاب ما يسمح لمكتب المبعوث الأممي أو لمن يعمل في مجال السلام للاستفادة منها، فيها توافق كبير في هذا الجانب وبالتالي الفريق ينظر إلى مسألة السلام كمسألة لا بد أن تتحقق بشكل سريع ولا بد أن تتوافق القوى السياسية المتنازعة عليها ولا بد أن لهم أن يعملوا عليها بفتح آفاق النقاش أو الانسدادات التي يصل إليها الأطراف المتنازعة.

القناة: دكتورة نادية عن دور النساء في العملية السياسية وصناعة السلام، خريطة الطريق النسوية هل يمكن أن تصبح خريطة سلام للبلد؟ ولماذا؟

نادية الكوكباني:  أود الإشارة إلى أن هناك الكثير من المبادرات النسوية ظهرت على السطح، لكن من استطاع أن يثبت وجودة في الفترة الحالية هو التضامن النسوي الذي استطاع أن يعمل عبر خارطة السلام النسوية، مسار السلام. الخارطة أقرب ما تكون إلى معالجات الواقع وأقرب إلى التوافقات السياسية التي تجري من ناحية الحوارات السياسية الفرعية أو السعي نحو المفاوضات. وبالتالي الخارطة في مجمل هيكلها تصلح لأن تكون خارطة سلام ليس نسوية ولكن خارطة سلام يمنية. هناك جهد في الخارطة وهناك أيضا توافقات وأخذ آراء كثيرة بالنسبة لهذا الخارطة من مكونات سياسية ومن منظمات مجتمع مدني ومن مؤسسات نسائية تعمل أيضًا في هذا الشأن، أيضًا من نساء يعملن أيضًا في ظل الحرب مثل رابطة أمهات المعتقلين، فالخارطة هناك جهد مبذول فيها وبالتالي يمكن مناقشتها على المدى الواسع وتطبيقها. ما أتحفظ عليه في الخارطة ( نحن بحاجة إلى أن نسأل أنفسنا جميعًا هل ما زالت المرجعيات فيما يخص القرارات الأممية) هناك مرجعيات مثل مخرجات الحوار الوطني التي اتفق عليها جميع اليمنيين ولا بد أن تكون مرجع ومرجع أساسي لكن بالنسبة للقرارات الأممية الآن هل ما زالت قابلة للتطبيق بعد هذه السنوات، إن لم تكن هي المعيق الأساسي منذ إنشائها. (2216) بعد الحرب بعدة أشهر تم صدوره وبالتالي هل تطبيقه ضمن التطورات الحاصلة على أرض الواقع الآن من الشمال إلى الجنوب، من الشرق للغرب، هل ما زال القرار قادرًا على أن يكون تنفيذه هو الطريق إلى السلام، من وجهة نظري أعتقد أبدًا. المعرقل الأساسي ربما هو قرار مجلس الأمن وأيضًا فيما يخص المرحلة الانتقالية بالنسبة للخارطة، بمعنى أنا لدي تحفظ على شيئين فقط، هل ما زالت الفيدرالية قابلة للتطبيق في الوقت الحالي كدولة اتحادية أم أننا بحاجة إلى أن نفكر في طريقة أخرى وآلية معينة إذا كانت أحد أسباب الحرب هي الفيدرالية فهل نستمر في المضي فيها أم نستطيع أن نفتح آفاقنا إلى حلول أخرى. يمكن أن نعود إلى مؤتمر الحوار الوطني أيضًا، وإذا ما اعتبرنا أن الحوار الوطني انتهى في يناير2014م. فالوضع تغير والواقع تغير، الواقع السياسي والواقع العسكري والواقع الأمني تغير، فهل نستطيع أن نمضي في فيدرالية أم نفكر في أشكال أخرى من التوافقات السياسية الكبيرة على مستوى شكل الدولة في الوقت الحالي. من مميزات الخارطة أيضًا (كما ذكرت التحفظات أيضًا) اهتمامها بكافة التفاصيل البسيطة وكل ما تحتاجه هو البحث عن آليات للتنفيذ فيما يخص وقف إطلاق النار وفتح الموانئ بشكل كبير غير الحالة الإنسانية والحالة الاقتصادية وكذلك المرحلة الانتقالية. نريد فقط فيما يخص هذه التي توافقت عليها كثير من النساء وهناك قبول لها لأنها كما أسلفت شملت على توافقات كثيرة سواء على المستوى السياسي وعلى مستوى منظمات المجتمع المدني. وأنا هنا بالذات عشان أشد على أيدي الأخت رشا جرهوم رئيسة مبادرة مسار السلام وعضوة التضامن النسوي، لأنه من الصعب أنك تجمعي النساء على قضايا مصيرية كبيرة. لكن بجهدها وطول بالها.

القناة: أصعب من الرجال في قضايا معينة؟

نادية الكوكباني: نعم، ربما لأن الرجال قادرون على أن يفصلوا الشخصي عن السياسي بشكل كبير أو الشخصي عن العام. لن ننكر طبيعتنا العاطفية أو ننكر غريزتنا الإنسانية وبالتالي لا زالت مؤثرة على البعض وهذا عيب تعاني منه البشرية، ومن المهم جدًا أن نذكر هذه الأشياء لكن رشا كان لديها من الصبر ومن طول البال ومن التوافقات بين النساء هي وطاقمها أيضًا هو ما سمح بظهور هذه الخارطة وبهذه القوة على أرض الواقع.

القناة: دكتورة نادية، مشاورات محلية في عدن وتعز تدار وتناقش وتصدر من خلالها العديد من النتائج المختلفة، ما أولية عدن وتعز من وجهة نظرك ومن وجهة نظر المشاورات التي تدار وأنتِ حاضرة فيها؟

نادية الكوكباني: المجتمع المحلي أو السلطة المحلية في ظل الحرب استطاعت السلطة المحلية أن تثبت فعلًا أنها قادرة على إدارة وتسيير الأمور ولو بالشكل الذي يسمح للناس بممارسة عاداتهم اليومية ومشاغلهم وبالتالي هناك مشاكل معيقة أمام السلطة المحلية تواجهها كل المناطق التي ذكرتيها، تردي وضع الخدمات، استغلال فترة الحرب فيما يخص الاستيلاء على التراث الثقافي والبسط على الأراضي وتدمير المنشئات الثقافية، الاختلالات الموجودة في بعض مؤسسات الدولة الإيرادية بالذات، وكيف يمكن أيضًا استغلالها. المشاكل التي يعاني منها المواطن في الفترة الحالية من انعدام البترول والغاز، والمعالجات، كلهم يعملوا شباب في هذه المناطق ويسلطوا الضوء على هذه المشاكل المجتمعية، يحاول أن يرفد السلطة المحلية ببعض الحلول التي تسمح بتنفيذها وتسليط الناحية الإعلامية على قضايا حساسة كما أشرت، مثل التراث المادي بالنسبة للمواقع الأثرية أو المباني الأثرية. هذه المشاورات هي تدعم السلطة المحلية بشكل كبير لأنه في الوقت الحالي هي التي استطاعت أن تثبت وأن تدعم المواطن بشكل كبير.

القناة: كنتِ قد تحدثتِ مسبقًا في المحور الأول عن دور الإعلام وتسليطه الضوء على القضايا النسوية فمن خلال متابعتك للإعلام هل تعتقدي أن الإعلام منصف مهني، أم مضلل لقضايا النساء؟

نادية الكوكباني: ليس الإعلام! بالإضافة إلى السياسيين كما أشرت وهذه مشكلة واجهناها نحن النساء من أيام الحوار الوطني، في أنه حتى نحصل على موافقة الأحزاب السياسية في أن يكون وجود النساء في مواقع صنع القرار بما لا يقل عن 30%  في فريق بناء الدولة، كان صعب جدًا أن إحنا نأخذ الموافقة منهم. ننفرد بكل مكون سياسي على حِدة فيدق صدره ويقول ولا يهمكن وأنا معاكن! ولكن عندما يتجمعوا جميعًا المكونات السياسية تختلف الأمور للدرجة التي تصيبنا بالإحباط وبالتالي هناك توافق للأسف الشديد على كل ما يهم النساء بالنسبة للسياسيين وهناك تضليل إعلامي شديد ليس على المستوى السياسي وإنما على المستوى المجتمعي فيما يخص العادات والتقاليد أيضًا. يتم الترهيب في هذه الناحية بشكل كبير وبالتالي نحن فعلًا بحاجة إلى أداه إعلامية منصفة في هذا الجانب تدعم جهود النساء، النساء يجاهدن فعلًا وعندما أقول يجاهدن فهن لديهن جبهات كثيرة مفتوحة، جبهة الأسرة وجبهة المجتمع، جبهة الإعلام، جبهة السياسيين. يعني المرأة اليمنية في هذا كله صامدة قوية قادرة على أن تثبت نفسها رغم كل هذه العوائق التي حولها. لكن أعتقد لن نيأس لأنه لدينا إيمان بالقضية ومن لديه إيمان بالقضية لا بد أن يصل رغم التعب ورغم المعاناة التي نجدها. وكما ناضلن من سبقننا أيضًا سنستمر في النضال وسيأتي بعدنا من يكمل المسيرة لأنها في نهاية الأمر هي حقوق لا بد أن نأخذها، وإذا أردنا أن نقول أن الحقوق تنتزع فنحن سننتزع حقوقنا شاء السياسيون أم أبوا.

القناة: إذًا من وجهة نظرك ماذا يجب على الإعلام تجاه النساء لتقديم صورة حقيقة مهنية وواقعية سواء عن قضاياهم أو حتى عن الجهات التي يتعاملن معها؟

نادية الكوكباني: أن يكون هناك إعلاميات مهنيات مثل وداد البدوي، مثل مايا مؤمنات فعلًا بالقضية ونعمل جميعًا من هذا المنطلق، يعني لا بد أن يكون هناك من يناصر النساء في هذه القضية من الذكور وألا نعتمد على الجانب الآخر في أن يوصل أصواتنا، بالعكس نحن الآن قادرات على أن نوصل أصواتنا ونجمع أكبر قدر ممكن من المناصرين وكما أشرت هناك فعلا بعض البذرات الحقيقية الموجودة مثل برنامج النساء والسلام.

القناة: دكتورة نادية ما هو دور الوسط الثقافي أو المثقف في خدمة قضايا النساء والسلام؟

نادية الكوكباني: لا أريد أن أقول أن الشأن الثقافي خفت، فعندما يعلو صوت البنادق فنحن نطلب السلام بشكل كبير، لكن من المهم أيضًا كجانب روحي وكجانب يغذي النفس لا بد أن يظل اتصالنا بالحبل السري الذي هو الثقافة. فالثقافة في ظل الحرب هي من تعمل التوازن المجتمعي بشكل كبير والمساهمة أيضًا في تسليط الأضواء، ربما على الحالات الإنسانية بالكتابة والبوح والمشاركة سواء داخل اليمن أو خارجها والفترة الماضية أثبت المثقف اليمني أنه شخص متزن، شخص لديه رؤيا، شخص لا يريد أن يتوقف تحت أي ظرف من الظروف حتى ولو كانت الحرب، هناك أنشطة ثقافية ظلت مستمرة وأنا نت هذا البرنامج أحب اُشيد بدور نادي القصة اليمني الذي خلال فترة الحرب رغم كل ما يعاني أيضًا من مضايقات، وهناك من يقول أن الثقافة ليست أولوية في هذا الوقت، الثقافة لاحقا! إلا أنه أصر على ألا تتوقف فعالياته الأسبوعية منذ الحرب وحتى الآن وأيضًا لم يستطع أعضاءه السفر لكنهم شاركوا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، استطاعوا أن يصدروا إصدارات خاصة بنادي القصة، واستطاعوا أن يقوموا بالتدريب فيما يخص المجال القصصي والمجال الروائي، حاليا يعدون لأيام الرواية اليمنية. مجهود رائع في هذه الفترة الصعبة إلا أن من يؤمن بالثقافة لا بد أن يؤمن بأنها أحد وسائل المقاومة للحرب بكل أشكالها.

القناة: صحيح يتحدث البعض بأن المجتمع يدعم حضور النساء أو النساء السياسيات تحديدًا. إلا أن النخب السياسية تعترض لوجودهن في هذا الأمر؟ هل المجتمع جاهز لتقبل النساء كقيادات سياسية فيه؟

نادية الكوكباني: الصادم بأن وجهة نظري أن المجتمع لديه تقبل فعلًا لوجود المرأة في أي مكان. لكن ما حصل منذ زمن على وجود المرأة لم يكن هناك بنية أساسية لوجود المرأة بشكل كبير حتى على مستوى الأحزاب، المرأة في الأحزاب يمكن هذا لن يعجب الكثير مجرد صورة، مجرد عدد، ما أعنيه أنه لم يتم تأهيل النساء الحزبيات بشكل جيد كما يتم أعداد الرجال الحزبيون حتى في ناحية المعرفة ومن ناحية المشاركات، ومن ناحية وضع الآراء وإثباتها حتى من القطاعات النسوية الموجودة في الأحزاب. والدليل على كلامي أنه خلال هذه الفترة كان يمكن لقطاعات المرأة في الأحزاب أن تثبت وجودها بفرض المرأة في المشاورات السياسية، في المفاوضات، في الحوارات الخارجية، لكن لم يحدث هذا خلال الفترة الماضية وبالتالي هذا إثبات، إذا كان تواجد المرأة على المستوى السياسي هي من يجب أن تفرضه بذاتها وبمعرفتها وقدرتها على أن تكون عنصر فاعل وليس رقم في الأحزاب، أما المجتمع كلما وجد امرأة قوية علق عليها الآمال بأنها ستغير لأنه يعرف أن النساء غير فاسدات، النساء لا يخضعن لأي ابتزاز على المستوى السياسي وبالتالي هن قادرات على أن يثبتن وجودهن على أرض الواقع بشكل كبير، وعليه إثبات أثر، مهم جدًا المرأة أن تقول أنا عملت أنا، أنا، أنا. هذا شيء مهم في غريزتنا حتى عندما نتعامل مع أطفالنا، ومع أطفال الحارة، نحب أن نكون أثر رشيد بيغير مسارات عوجاء في أي مكان.

القناة: المرأة في كل المحافظات تعتبر أكثر عنصر أو فرد تأثر بالحرب وبالصراع كما أسلفتِ في حديثك سابقًا، مالذي تعلمته المرأة خلال هذه الفترة؟

نادية الكوكباني: سبع سنوات من القوة ومن الصمود ومن المواجهة ومن تعديل المسار فيما يخص داخليًا، واجهت ذاتها داخليًا فلا بد أن تكون امرأة قوية وورائها عائلة وورائها أهل ومجتمع، بتفكر المرأة خلال هذه الفترة بأشياء كثيرة وبالتالي لن تنهار. المشاريع الصغيرة التي قامت بها النساء في كل المحافظات اليمنية في ظل غياب الرواتب، الناشطات أيضًا لم يتوقفن في المنظمات بالمشاركة سواء على المستوى الإغاثي أو على المستوى التوعوي بشكل كبير. بالعكس إذا أردتُ أن أقول من استطاع أن يصمد خلال هذه الحرب اللعينة فهن النساء اليمنيات، استطعن واثبتن فعلًا وبجدارة أن يكن هن المسئولات عن ثبات المجتمع في هذه الفترة وإلا ينهار. ما عانيناه يا مايا هذه الفترة صعب كثير وصعب جدًا جدًا جدًا. بالذات للنساء، وكما أشرت أن الفقد ضعف، فتخيلي عندما يكون في أي عائلة الآن لا بد وأن يكون لديها فقد إن لم يكن اثنان وبالتالي إذا لم تكن المرأة بهذه القوة فعلينا السلام.

القناة: إذًا من خلال هذا الحديث كيف تحتسب النضالات الفردية للنساء على مستوى الأسرة والمجتمع، بمعنى آخر كيف تُقدر النساء في المجتمع على مستوى المسارين، الأول والثاني؟

نادية الكوكباني: سنفصل الجانب المجتمعي عن الجانب السياسي، على الجانب المجتمعي الآن كما أسلفت بأن هناك كنتونات صغيرة ظهرت في الأحياء وفي الحارات، في تفقد للجيران بشكل عام، هناك أشياء كثيرة على المستوى المجتمعي ظهرت لأنه المجتمع اليمني بطبعه لديه نخوة ولديه إنسانية بشكل كبير. وبالتالي الانتصارات الصغيرة بالنسبة لي هي انتصارات كبيرة بالنسبة للنساء، أن أدعم جاري أو جارتي في مأساتها، أن أساعد فقراء الأحياء، أن أبحث عن مشروع صغير على المستوى الذاتي أو المستوى المجتمعي البسيط، هذه كلها أسميها انتصارات صغيرة للمرأة اليمنية، لكنها تساوي حجم وطن في أنه قادر أن يصبر وعلى أن يواجه وأن يصمد. المبادرات الكبيرة بالنسبة لمنظمات المجتمع اليمني على المستوى الحقوقي أو المستوى السياسي أيضًا تعمل ولم تُصب بالملل من المواجهات ومن المعاملة التي كل يوم تتغير سواء في المناطق الشمالية أو الجنوبية من التراخيص ومن المعاملات، والمرأة لا تخرج إلا بمحرم ولا تسافر إلا بمحرم، فأشياء كثيرة تحملتها المرأة لأنها مؤمنة إيمان كبير بما تفعله على المستوى المدني. منظمات المجتمع المدني وعلى المستوى الإغاثي ومؤمنة أيضًا بأنه في هذه الظروف لا بد أن أتحمل كل شيء وأن أحاول أن أعالج على قدر المستطاع ما لم فأنا مستمرة في نضالي. المبادرات السياسية كما ذكرت هي مستمرة واللقاءات أيضًا بين الداخل وبين الخارج بالنسبة للنساء مستمرة وهو كما أسلفنا المبادرة، مبادرة خارطة السلام النسوية خير دليل على هذه الممارسة.

القناة: إذًا دكتورة نادية ما هو تقييمك لأداء المجتمع الدولي فيما يخص دعم قضايا النساء؟

نادية الكوكباني: أكيد لأنه منذ قيام ثورة الشباب فبراير2011م المجتمع الدولي واقف بشكل كبير إلى جوار اليمن، لكن وقوفه هذا أيضًا بالحد الذي لا يسمح له بالتدخل أكثر مما يجب وبالتالي لم يلتقط اليمنيين وبالذات الساسة، لم يلتقطوا هذه النقطة ويطالبون المجتمع الدولي بأكثر مما يستطيع. لا زال أيضًا المجتمع الدولي هو الذي يوفر المساحة لنعرف أخطائنا ونحاول أن نجد الحلول التي تناسبنا، لن يصنع السلام إلا اليمنيون إذا اجتمعوا، لن يصنعه المجتمع الدولي مهما ساعدنا والتجارب السابقة سواء كانت عربية أو عالمية دليل على ذلك. وبالتالي لا بد أن نقتنع بأنهم يساعدونا بأن نصنع السلام لأنفسنا، لن يصنع السلام إلا اليمنيون، مهما بلغ الاختلاف لا بد بأن نجتمع طالت سنين الحرب أو قصرت لا بد أن يتم الاجتماع ولا بد أن تنتهي الحرب فلماذا لا نختار أقصر الطرق للمعاناة، لا بد لمعاناة الشعب اليمني أن تقف بشكل كبير. حصار على مستوى الداخل وحصار على مستوى الخارج، انقطاع رواتب، الصحة المنعدمة أيضًا في الفترة الحالية، ربما يكون تفشي وباء كورونا والحُمِّيات قبلها، كل هذه الأشياء لن يعالجها إلا اليمنيون أنفسهم، هم من يكتوون بالنار وهم عليهم إخمادها بشكل أساسي. المجتمع الدولي مهما فعل لن يصنع لنا سلامًا، لكن نشكره على التفكير على خوض التجربة وعلى محاولة إيجاد مساحة كبيرة للتفاهمات بين أطراف النزاع، ولكنه في النهاية لا يستطيع أن يحضر الأطراف المتنازعة ويجمعهم على طاولة واحدة إلا إذا مشوا بأرجلهم إلى هذه الطاولة.

القناة: دكتورة نادية كنا سعداء جدًا بهذا الحوار معكِ وفي نهاية هذا اللقاء كلمة أخيرة تودين إضافتها.

نادية الكوكباني: أريد أن أضيف بأن أشد على أيدي النساء في كل مكان، النساء اليمنيات السياسيات، الحقوقيات، الناشطات، المتعلمات، غير المتعلمات، المرأة اليمنية قادرة على أن تخوض أصعب الظروف وعلى أن تثبت نفسها في كل المجالات وما زالت قضيتنا مستمرة وسنستمر في إثبات حقوقنا بشكل كبير.