على دقات ساعات بيج بن، اعتدت أن ابدأ صباحاتي الطفولية، فقد كان والدي شغوفاً بالمذياع، يقضي الوقت يدير قرص الموجات باحثاً عن إذاعات خارجية صباحاً، وفي المساء كان موعده مع الإذاعات المحلية.
الحضور الدائم لمذياع أبي، ومشاركته عن طيب خاطر منا لصباحاتنا ومساءتنا، خلق لدي شغف إعلامي مبكر كنت أترجمه في الإذاعة المدرسية وفي تقديم الحفلات السنوية التي كانت تقيمها المدرسة..
تصادقت مع الميكرفون حتى ألفته وألفني، وأصبح بيننا صداقة من نوع خاص جعلت ثمة حلم يتبلور داخلي بأنه يوماً ما سيكون الميكرفون رفيقي الدائم وجزء من المستقبل القادم.
مرت الأيام وشاءت الأقدار أن أتجه للدراسة الجامعية بعيداً عن المجال الإعلامي الذي كنت أطمح أن أخوض غماره يوماً..
خُبئ الحلم داخلي؛ ولكنه لم ينطفئ، إلى أن جاء اليوم الذي وجدتني فيه وجهاً لوجه مع فرصة عمل إعلامي إذاعي..
تمسكت بهذه الفرصة، وعاد الحلم القديم ليسكن أفكاري من جديد..
في السنة ما قبل الأخيرة من دراستي الجامعية تناهى إلى مسمعي وجود إذاعة محلية في مدينتي، وباب التقديم للعمل فيها متاح..
أمام خبر كهذا لم أستطع الانتظار طويلاً، واتجهت إلى مقر الإذاعة متناسية كم المحاضرات الكثيرة التي تركتها خلفي .. فالحلم الذي يوشك أن يتحقق كان يدفعني لأن لا أدخر جهداً في الوصول له .. مهما كانت التضحيات..
وشاء الله ان يتم قبولي في إذاعة إب المحلية معدة ومقدمة برامج، وبدأ مشواري الإعلامي الذي كان محفوفاً بصعوبات كثيرة سواء على الصعيد الشخصي أو المهني أو الاجتماعي المتمثل بعدم تقبل من حولي لي كامرأة تعمل في المجال الإعلامي..
لكن إصراري على تحقيق حلمي، وايماني بذاتي، وتشجيع ودعم أبي، كانت الصخور التي تتحطم عليها كل معاول الاحباطات التي كنت أواجهها.
واستطعت إكمال دراستي الجامعية، وترك بصمة في عملي الإعلامي..

ورغم وفاة والدي بعد ذلك والصعوبات التي أثقلت كاهلي إلا أنني استطعت وبدعم من أمي تخطيها، وإثبات ذاتي على الصعيد الشخصي والمهني لتتوالى علي الفرص الاعلامية والصحفية، ولأتجه للعمل التلفزيوني كمراسلة لقنوات فضائية يمنية رسمية وخاصة..
وحظيت بفرص تدريبية صقلت مهاراتي الاعلامية، تعرفت من خلالها على خبرات كبيرة استفدت منها، واستفدت معارف كنت أجهلها..
وها أنا أحظى ببرنامج تدريبي متميز يتمثل ببرنامج زمالة الأخوات الآمنات Safe sisters الذي ينفذه مركز الإعلام الثقافي (CMC) الخاص بالأمن الرقمي للصحفيات والحقوقيات، كواحدة ضمن (٢٠) أخت من كافة محافظات الجمهورية، نسعى جميعاً لتعلم مهارات الأمن الرقمي والحماية الشخصية لنا كصحفيات وعاملات في المجال الحقوقي، باعتبار الأمن والحماية الشخصية ركن أساس في أعمالنا التي نسعى من خلالها لخدمة المجتمع وصنع السلام لوطننا الغالي.